88552_ALR_14-10-2019_p32-1

ما بعد هزيمة داعش

سوريا أصبحت بلا داعش والعالم يبدأ منعطفاً تاريخياً بعد أن أعلنت قوات سوريا الديمقراطية القضاء على التنظيم نهائياً على الأرض وأنها ستواصل حملاتها العسكرية ضد خلاياه النائمة..

صحيح أن هناك إنجازاً ولكن هذه ليست الحقيقة الكاملة، فتصوير الأمر على أنه لم يعد هناك خطر من داعش غير دقيق، فالتنظيم قد يكون انتهى كمجموعات مسلحة، ولكن التنظيم والفكر ما يزالان موجودين بل ومنتشرين في العالم.

وهذا يعني أننا بحاجة إلى عمل كبير ومتواصل لتثبيت الإنجاز وتحقيق الانتصار النهائي، ليس على قوات داعش ومسلحيه وإنما على أفراده المنتشرين في كل مكان وعلى فكر داعش، والذي هو المحرك الحقيقي لكل ما يقوم به الداعشيون، إذاً فإن وجود قاعدة بيانات تتضمن أسماء عناصر التنظيم ودولهم وتواريخ تحركاتهم، والدولَ التي يترددون عليها أمر مهم، كما أن تكوين شبكة عالمية تعمل على مواجهة داعش من خلال جمع وتنسيق المعلومات وصور عناصر التنظيم لمنع تسللهم بأسماء مزورة وتبادل هذه المعلومات، أمر مهم لأي عملية وقائية أو استباقية، ويجب عدم الاكتفاء بذلك، فمن المهم دراسة سلوك التنظيم وكيف يتطور من مرحلة إلى أخرى، لفهم آليات وطبيعة تحول بناء التنظيم وأساليب تكيفه مع المتغيرات والمستجدات.

يفترض أن عناصر داعش المهزومة ستعود إلى دولها، وهم بعودتهم هذه سيشكلون خطراً على بلدانهم، وأي بلد يمكن أن يصلوا إليه، ولذلك يفترض أن يكون إعلان هزيمة داعش في سوريا مربوطاً بشكل واضح بأن خطر التنظيم مستمر وقائم، إلى وقت طويل جداً، لكن بشكل مختلف.. فأولئك الإرهابيون يحملون الأفكار التي تشرّبوها من التنظيم، وهم مزودون بخبرات عسكرية وأمنية لا يستهان بها.

لذا يرى البعض أن خطر التنظيم الآن أصبح أكثر مما كان، فهو سيتحول إلى الخطة الأخرى التي تقوم على فكرة «الذئاب المنفردة» والتي تتحرك فيها عناصره بشكل فردي أو خلايا صغيرة، تنفذ عمليات وتختفي، دون أن يكون عندها هاجس الإمساك بالأرض والسيطرة عليها، وهو نفس أسلوب تنظيم القاعدة.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

لا تخافي يا قطر

مطالبة قطر يوم أمس الأول للوكالة الدولية للطاقة الذرية بوضع إطار عمل يخص الأمن النووي في الخليج، واعتبارها أن المحطة تشكل تهديداً خطراً للاستقرار الإقليمي والبيئة أمر أثار استغراب العالم والمختصين في مجال الطاقة النووية، لأنها مخاوف ساذجة وبعيدة عن الواقع!

أما بالنسبة للإمارات فإن هذه المطالبة القطرية ليست مستغربة لأنها تأتي في سياق حملة الدعاية الإعلامية ضد الإمارات ودول المقاطعة، وهي مطالبة لن تتجاوز الإثارة الإعلامية لأن محطة براكة النووية حاصلة على شهادة جميع الجهات المختصة بأنها واحدة من أكثر المحطات أماناً في العالم.

ويبدو أنه مما لا يعرفه النظام في قطر أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تفقدت، أكثر من مرة، المشاريع الإنشائية لمحطة براكة، وهي تتعاون مع الإمارات منذ لحظة الانطلاق للتأكد من الالتزام الصارم بمعايير الأمان النووي.

كما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية نفسها، أشادت بالجيل الحديث من المفاعلات الذي تعتمده الإمارات، وأسهبت الوكالة في ذكر فوائده واستشهدت بخبراء عالميين في هذا المجال بينهم ستيفانو مونتي، رئيس قسم تطوير تكنولوجيا القوى النووية في الوكالة، وكذلك فرانسوا غاوشي، رئيس مجموعة سياسات المحفل الدولي للجيل الرابع من المفاعلات ومدير الطاقة النووية في المفوضية الفرنسية للطاقة الذرية والطاقات البديلة. ويعتبر مفاعل براكة من طراز APR1400 وهو من الجيل 3+، من الأكثر تطوراً وأماناً بين مفاعلات العالم، كما أن المحطة تستخدم الماء المضغوط، وهو أكثر وسيلة آمنة في الطاقة النووية في العالم، والمفاعل مصمم بنظام سلامة مدمجة، حيث يتضمن واحداً من أفضل برامج السلامة ويمكنه أن يوقف المفاعل تلقائياً في حالات الطوارئ.

كما يتبنى المشروع أفضل ممارسات معهد عمليات الطاقة النووية، وهو معهد دولي مهمته تعزيز أعلى مستويات السلامة في المحطات النووية حول العالم، ويتابع هذا المعهد أداء الصناعات النووية في الولايات المتحدة، وكذلك أداء الصناعة النووية حول العالم. وهذا المعهد الذي تأسس في 1979، منظمة علمية غير ربحية مقرها في أتلاتنا بالولايات المتحدة.

وأصدرت وكالة NRC الأمريكية دراسة متكاملة من 514 صفحة وضعها علماء مخضرمون، تشيد بمستويات الأمان العالية في المفاعلات النووية من ذات النوعية التي يجري العمل عليها في براكة. وهذه الوكالة مستقلة أسسها الكونغرس الأمريكي عام 1974، لضمان الاستخدام الآمن للمواد الإشعاعية، وحماية البشر والبيئة، وتنظم الوكالة عمل محطات الطاقة النووية والاستخدامات العديدة للطاقة النووية. هذه الوكالة شديدة الدقة ولا يمكن حتى للحكومة الأمريكية نفسها التأثير فيها.

وأخيراً وليس آخراً أشادت الوكالة الأمريكية المستقلة، في نهايات 2018 في رسالة رسمية علمية للشركة الكورية ومدير مشروع APR1400، بمستويات الأمان العالية التي تتمتع بها هذه النوعية من المفاعلات. هذه الحقائق وغيرها تجعلنا نقول لا تخافوا من هذا المفاعل فأمان المفاعل يهم الإمارات أولاً وسلامة سكان المنطقة في مقدمة أولوياتها، أما ما يجب أن يخاف منه نظام قطر فعلياً فهو مفاعلات حليفها النظام الإيراني.. فمحطة بوشهر النووية، بدأت إيران أعمال البناء فيها عام 1975، وأنجزت الإنشاءات فقط بعد 20 عاماً، تحديداً في 1995، واستمرت محاولات التشغيل نحو 16 عاماً، حتى نجحت في 2011. بسبب انسحاب الشركات المتتالي من المشروع والقدرات التكنولوجية الضعيفة التي تأسست بها المحطة، ولا وجه للمقارنة بينها وبين براكة التي تستخدم أحدث ابتكارات التكنولوجيا في العالم.

أما مفاعل آراك الإيراني، وهو يعمل بالماء الثقيل حسب المسؤولين الإيرانيين، فقد بدأت أولى محاولات الإنشاء فيه عام 1985 في أصفهان، ثم نقل إلى آراك حالياً، وبدأ التشييد الجديد في 1988، واستمرت الأعمال الهندسية في المشروع حتى تم افتتاحه عام 2009 أي بعد 11 عاماً من التأسيس الثاني.. وكل المشاريع النووية الإيرانية محل شك من قبل المجتمع الدولي وتخوّفٍ من تحول البرنامج النووي الإيراني نحو إنتاج أسلحة نووية تهدد بها أمن المنطقة والعالم.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

الإرهاب والإعلام الأشقر

إذا لم يكن قتل 50 إنساناً وهم يؤدون صلاتهم في مسجدهم إرهاباً فما هو الإرهاب؟ وإذا لم يكن إطلاق الرصاص بشكل متعمد على مجموعة من العزّل جريمة فكيف تكون الجرائم؟!

بعد جريمة مسجد كرايست تشيرش في نيوزيلندا لم يعد هناك شك في أن الإرهاب الغربي الأبيض أصبح يزداد قوة وانتشاراً وأصبح القتل وارتكاب المجازر بالأسلحة الرشاشة وتصويرها وبثها على الهواء مباشرة هوساً لدى بعض المتطرفين في الغرب، وهؤلاء فعلياً لا يختلفون في شيء عن الدواعش التي عانت منهم منطقتنا طويلاً غير أنهم بشعر أشقر وعيون ملونة ويحلقون ذقونهم كل يوم، أما بما يحملونه في عقولهم من تطرف وعنف وحقد وكره وعنصرية فلا يختلفون عن غيرهم في أي مكان في العالم، فالإرهابيون ليسوا في الشرق الأقصى من آسيا فقط ولا الشرق الأوسط منها وليسوا في أفريقيا وأمريكا اللاتينية كما يصور الإعلام الغربي، الإرهابيون اليوم يخرجون من أوروبا وأمريكا ودول بالعالم الأول، وهذا ما يجعلنا نؤكد من جديد أن الإرهاب لا دين له وأن الإرهاب لا يعرف الحدود ولا يفرق بين البشر فعندما تأتي ساعة القتل لا يهم من يكون الضحية شيخاً كبيراً أو طفلاً بريئاً أو امرأة!

وهذا ما يجعلنا نصر على أن نضع أيدينا في أيدي بعض شرقاً وغرباً لمواجهة الإرهابيين لا أن يُلقي كل طرف اللوم على الآخر كما فعل السيناتور الأسترالي بالأمس وهو يصف الإسلام بالفاشية وأن الإسلام أساس التطرف، في حين أنه لم يحتمل من يخالفه الرأي عندما قام شاب أسترالي بكسر بيضه فاسدة على رأسه فانهال عليه السيناتور صفعاً وضرباً ورفساً! فما نحتاجه اليوم هو أن نتوحد في محاربة الإرهاب والقضاء عليه.

العالم الإسلامي بحاجة إلى فهم أعمق لظاهرة الاسلاموفوبيا الجديدة وإجراء دراسات علمية حقيقية وعميقة حولها وبحاجة لبذل جهد اكبر لوضع حد لها من الناحية القانونية، أما العالم الغربي فبحاجة لأن يكون أكثر عدلاً وعقلانية في التعامل مع الإرهابيين الغربيين وأن يكون أكثر جدية في مواجهة «الإرهاب الأشقر» لأن هذا الإرهاب الجديد ليس خطراً على المسلمين وإنما هو خطر حقيقي على القيم الغربية والمبادئ الإنسانية فالحضارة الغربية حققت التفوق بسبب ما تؤمن به وما تمارسه من قيم سامية تقوم على أسس التعددية والتسامح وتقبّل الآخر دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو اللون.

أما الإعلام الغربي فأتمنى أن يتحلى ولو مرة واحدة بالشجاعة وأن يسمي الأمور بأسمائها وأن يعترف بأن مثل هذه الجرائم البشعة التي يرتكبها غير المسلمين هي جرائم إرهابية أيضاً وبأن من ارتكبها إرهابيون، وهذا لن يقلل من شأنها شيئاً.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

سلطان .. وبعض الرجال

الحاكم العربي الوحيد الذي يتنقل بين معارض الكتب في عواصم العالم ويقوم بزيارات وجولات في أجنحة تلك المعارض هو صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، حفظه الله، فبالأمس كان سموه في معرض باريس الدولي للكتاب قادماً إليه من معرض لندن الدولي للكتاب يرافقه وفد ثقافي وإعلامي من الإمارات.

يطلقون على سموه «سلطان الثقافة» و«سلطان الكتاب» و«سلطان الأدب والفنون»، وسموه سلطان في كل ذلك، بل هو سلطان في أخلاقه وسلطان في علمه وفي تواضعه. بالنسبة لي ولزملائي رؤساء تحرير الصحف المحلية نحرص على المشاركة والحضور ضمن وفد سموه المشارك في معارض الكتب، فصحيح أن حضور تلك المعارض العالمية حدث مهم يستحق أن يستقطع الإنسان من وقته في العام لحضوره، فالعالم في تلك المعارض يقدم خلاصة فكره وإبداعه ويستعرض تجاربه في مختلف مناحي الثقافة، ويؤكد أنه يحب الكتاب ويصر على القراءة رغم تعقيدات الحياة وتطورها. ولكن ما لا يقل أهمية عن كل ذلك هو لقاء صاحب السمو والجلوس معه والاستماع إلى حديثه في مختلف جوانب الحياة وحول تاريخ وجغرافيا الوطن والمنطقة، ورأي سموه في تحديات المنطقة والمستقبل الذي يتمناه للمواطنين والمقيمين وللناس جميعاً، فسموه مدرسة يتعلم منها الكبير والصغير.

ومن الأمور التي تثير الإعجاب في شخصية سموه هو وجوده الفاعل والمؤثر في معارض الكتب، وما يشكّله حضوره من دور في تعويض الغياب العربي الكبير في معارض العالم، فإن تقتطع شخصية بحجم سموه وانشغالاته ومسؤولياته من وقته بل أوقاته لدعم الكتاب العربي والمثقفين العرب وأن يكون حاضراً بشكل فعلي وليس بروتوكولياً في هذه المعارض أمر يحسب لسموه ويستحق الإعجاب والتقدير، ففي أجندة سموه السنوية فعاليات رئيسة لا يغيّرها سموه، وهذا ما يستحق الشكر والتقدير.

ولا يكتفي سموه بزيارة جناح الشارقة أو الأجنحة التابعة لبقية الإمارات بل يحرص على تلبية دعوة المسؤولين عن الأجنحة الخليجية والعربية ليعطي لمشاركتهم معنى آخر.

بعض الرجال، وقليلون هم في عالمنا، يفعلون ما عليهم وزيادة، بعض الرجال يجعلون من يعملون حولهم يشعرون بالتقدير، بعض الرجال كلما جلست معهم تشعر بأنك تزداد علماً وعمقاً .. والشيخ سلطان أحد أولئك الرجال.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

من يتزوج نساء داعش؟

الأخطر من الدواعش هن نساء داعش والأشقى من ضحايا داعش هم أطفال داعش، أولئك الأبرياء الذين ولدوا بلا ذنب من والدين داعشيين وتربوا في كنف داعش وأصبحوا يحملون تهمة بلا ذنب اقترفوه غير أنهم كانوا نتيجة علاقة بين عقلين وجسدين متطرفين.

العالم يواجه اليوم بقايا هذا التنظيم الذي يواجه الانهيار وبحسب منظمة «سايف ذي تشيلدرن» فإن أكثر من 2500 طفل من أكثر من 30 بلداً يعيشون في ثلاثة مخيمات للنازحين في شمال شرقي سوريا.. أما العائلات الداعشية التي فرت من آخر جيوب داعش في سوريا (منطقة الباغوز)، فيبلغ عددها 560 عائلة أجنبية، تضم أكثر من 1100 طفل فروا من تقدم قوات سوريا الديمقراطية، فكيف يمكن أن تتعامل دول العالم مع هؤلاء النسوة اللواتي يحملن بذور التطرّف والإرهاب بل يؤمنَّ بلا تردد بما كنَّ فيه ويعتقدن أن التنظيم عائد بل وهنّ لسن نادمات على انضمامهن لهذا التنظيم. فالنساء الفارات من آخر معاقل داعش في الباغوز السورية، ينكرن تماماً مسألة انهيار دولتهم المزعومة، ويؤكدن اعتناقهن الأفكار ذاتها التي يتبناها التنظيم الإرهابي، بل ويتقاتلن في مخيم اللاجئين، فقد هاجم العشرات منهن زميلاتهن من النساء الفارات من مناطق سيطرة التنظيم في سوريا، ووصفن بعضهنّ بـ «الكافرات»، وتوعدن حتى الصحافيين بالموت، زاعمات أن «الخلافة مستمرة».

ورفعت نساء داعش الأحذية في وجه كاميرات الصحافيين، ورددن مقولات قيادات داعش عن وجوب قتال من وصفوهم بـ «الكفار».

حالة داعشية يتابعها العالم ويعرف قصتها جيداً وهي البريطانية شميمة بيغوم (19 عاماً)، التي فرت من أسرتها ولحقت بداعش في عام 2015، وحين انهار التنظيم كانت حاملاً في الأسابيع الأخيرة من أحد رجال التنظيم الذي تزوجها، اليوم ليس لها بلد تعود إليه بعد أن أسقطت بريطانيا جنسيتها ورفضت الدول قبول دخولها أو أن تكون لاجئة لديها .. سقط طفلها ميتاً لتكتب له الراحة من عذاب لم يفارقه طوال عمره، لذنب لا علاقة له به.

نساء داعش بما يحملنه من مواقف متطرفة تجاه الآخر و«مشاعر جياشة» تجاه إرهابيي داعش كيف يمكن أن يكنّ جزءاً من أي مجتمع، ومواطنات منتجات في أي دولة؟! وزوجاتٍ صالحات في أي مجتمع؟! وأمهات حقيقيات في أي أسرة؟!

محاولة الإجابة تكشف صعوبةَ مهمة العالم في التعامل مع هذه الفئة.