88552_ALR_14-10-2019_p32-1

نهاية حرس الإرهاب

لا تكفي خطوة الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية وفرض عقوبات قاسية عليها، فصحيح أنها خطوة مهمة وتاريخية – وإن جاءت متأخرة جداً – وصحيح أنه ستكون لها تبعاتها الإيجابية على المنطقة والعالم، فلن يجد الإرهاب بعد اليوم من يدعمه ويموّله بذلك السخاء كالسابق، لكن الأهم من ذلك هو محاسبة ومحاكمة هذه المنظمة الإرهابية على الجرائم التي ارتكبتها طوال العقود الأربعة الماضية، ولا بد من تفكيك هذه المنظمة وتقديم جميع المسؤولين فيها للمحاكمة الدولية … فهم لم يكتفوا بقمع الشعب الإيراني في الداخل بل مارسوا الإرهاب في الخارج.

قائمة جرائم هذا النظام طويلة جداً، وكانت الأمم المتحدة قد جمعت معلومات حول 57 جريمة إرهابية ارتكبها النظام الإيراني حول العالم خلال أربعة عقود، وهي مثبتة بالوقائع والتواريخ، ويعتبر النظام الإيراني الدولة الأولى الراعية والداعمة للإرهاب في العالم، حيث أسست عدداً من المنظمات الإرهابية في داخلها (فيلق القدس وغيره) وفي خارجها (حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي بالعراق، وحزب الله – الحجاز، وعصائب أهل الحق في العراق، والميليشيات الطائفية في سوريا، والحوثيون في اليمن، وسرايا المختار وسرايا الأشتر في البحرين، وغيرها كثير).
أما بعض جرائمها التي لا يمكن أن تنسى فهي أنها كانت وراء اختطاف 96 مواطناً أجنبياً في لبنان، بينهم 25 أمريكياً، في عام 1982 فيما يعرف بأزمة الرهائن التي استمرت 10 سنوات، وفي 1983 تم تفجير السفارة الأمريكية في بيروت من قبل حزب الله وأدى إلى مقتل 63 شخصاً، وفي 1985 محاولة لتفجير موكب أمير الكويت آنذاك، الشيخ جابر الأحمد الصباح، وفي 1986 حرضت إيران حجاجها على القيام بأعمال شغب في موسم الحج، ما نتج عنه تدافع الحجاج ووفاة 300 شخص.

وفي 1994 تورطت في تفجيرات العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، ما أدى إلى مقتل أكثر من 85 شخصاً وإصابة نحو 300 آخرين، وفي 1996 كانت وراء تفجير أبراج سكنية في الخبر على يد ما يسمى «حزب الله الحجاز»، ونجم عن التفجير مقتل 120 شخصاً، كما أن سجلّ النظام الإيراني حافل وغير مسبوق على مستوى العالم في انتهاك حرمة البعثات الدبلوماسية منذ اقتحام السفارة الأمريكية في 1979 واحتجاز منسوبيها لمدة 444 يوماً، وآخرها الاعتداء على سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد في 2016.

وأخيراً وليس آخراً، فإننا في المنطقة العربية لن ننسى أننا لم نعرف الطائفية والمذهبية إلا بعد قيام الثورة الإيرانية المشؤومة في 1979، وتدخل النظام الإيراني في كلٍّ من لبنان وسوريا والعراق واليمن والسعودية والبحرين.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

«صديقنا بوتفليقة»!

تفاجأ الإماراتيون منذ أيام برفع مواطنين جزائريين لافتات ضد الإمارات خلال مظاهراتهم في الجزائر.. وتساءلوا ما الذي يجعل الشعب الجزائري الشقيق، الذي يحترمه الشعب الإماراتي ويقدره، يتخذ ذلك الموقف المعادي لها؟ فالإمارات لا ناقة لها ولا جمل في أحداث الجزائر، وإذا كان لها دور فإنها يفترض أن تقف مع الرئيس المستقيل بوتفليقة، الذي كان صديقاً للعشرات من الإماراتيين خلال فترة إقامته فيها لعقدين من الزمان، لكن الإمارات لم تتخذ أي موقف تجاه ذلك، فسياسة الإمارات واضحة، وهي عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.. ولكن هذا الوضع ليس جديداً بالنسبة للإمارات، فمن يقف وراء ذلك معروف ولا أعتقد أن سبب ذلك يخفى عن أغلب الشعب الجزائري.

وما أتمنى أن ينتبه إليه ثوار الجزائر الذين نجحوا في تحقيق أهدافهم وهم في مرحلة ما بعد تغيير النظام، أن المرحلة الحالية هي الأصعب، فهي مرحلة محاولة «سرقة ثورة الشعب» وهو تماماً ما حدث في مصر عندما قفز الإخوان المسلمون والإسلاميون على الثورة واختطفوها من الشعب المصري، وهذا ليس سراً، فمن يتابع الإعلام الإخواني في تركيا وغيرها سيلاحظ الاهتمام المبالغ فيه بالوضع الجزائري من قبل هذه الجماعة، ولكن يبطل العجب إذا ما عرف السبب، فما يتم الآن هو الضرب في كل ثوابت الدولة الوطنية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية حتى يتهيأ الوضع ليرفع المستغلون من الإخوان رأسهم ويقولوا ها نحن ذا.. ويفرضوا أنفسهم كبديل للحكم.. والحقيقة أنهم كانوا جزءاً من الحكم السابق بل جزءاً من الفساد الذي أرادت الثورة اقتلاعه.
الشعب الجزائري المجاهد الذي ضحى في ثورته الكبرى، ثم نجح في القضاء على الإرهاب، يستطيع أن يكتشف هذه اللعبة الإخوانية، ويكتشف لماذا يتم الزج باسم الإمارات في الجزائر في هذه المرحلة.. أما الإمارات فلن تغير موقفها الداعم للشعب الجزائري والدولة الجزائرية بسبب عدد صغير من المتظاهرين رفعوا لافتات ضدها.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

«ليبيا .. اللعبة انتهت»

تبدو تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة حول التحركات الأخيرة للجيش الوطني الليبي، نحو مواجهة الميليشيات الليبية في طرابلس غريبة من خلال التحجج بالحل السياسي .. وعندما بدأ الجيش بالتوجه نحو تحرير طرابلس من الإرهابيين، سمعنا مجلس الأمن يطالب الجيش بالتوقف!

ويذكرنا هذا الموقف بما حدث قبل أشهر في اليمن، فعندما اقترب الجيش اليمني من تحرير الحديدة منعه مجلس الأمن من تحرير الميناء والمدينة، ومنذ ذلك اليوم لم يتغير شيء على أرض الواقع غير استقواء الميليشيات الحوثية أكثر وأكثر.

اليوم يفترض أنّ تَخوُّف مجلس الأمن قد تبدد بعدما أعلن مجلس النواب الليبي «المنتخب» موقفه من تحركات الجيش الوطني، وكان موقفاً إيجابياً ويدعم تحركات الجيش، حيث قال: «ما تقوم به القوات المسلحة هو واجب وطني تجاه المواطن والدولة، للقضاء على الإرهاب والمجموعات الخارجة عن القانون».

وهذا التصريح يفترض أن ينهي القلق العالمي والأممي من تحركات الجيش الوطني، فمجلس النواب هو الكيان الشرعي والوحيد المنتخب في ليبيا والمعترف به دولياً ومن الأمم المتحدة.

‏مواقف مجلس الأمن الأخيرة من قضايا الشرق الأوسط تكشف أن إرادته تختلف عن إرادات شعوب المنطقة، فالمجلس يريد إدارة الأزمات، ‏أما الشعوب فتريد إنهاء الأزمات وحلها نهائياً.

أما الحل السياسي، فهو مطلب الجميع، ولا يبدو أن هناك تعارضاً بين حملة خليفة حفتر «طوفان الكرامة» ومطالب مجلس الأمن، والعديد من دول العالم، ومن بينها الإمارات، بضرورة اعتماد الحل السياسي لإنهاء الأزمة في ليبيا، كما لا تتعارض الحملة العسكرية مع اجتماع 14 أبريل المقبل، الذي أكد الجيش الليبي ـ بشأنه ـ أنه مستعد لتأمين اللقاء والضيوف والمشاركين فيه، فالحملة العسكرية موجهة بالتحديد ضد الميليشيات الإرهابية.

أما الحل السياسي فأيّاً كانت نتائجه فإنها لن تتعارض مع أهداف الحملة، بل ستكون معه، من خلال التأكيد على ضرورة مواجهة الإرهاب والقضاء عليه، فهذا جزء أساسي من الحل السياسي المرتقب.

وواضح أن الجيش الليبي عازم على الحزم، ففي تصريحه الخاص لـ «الرؤية» يوم أمس، وجّه المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، رسالة واضحة لمن يعبثون بأمن واستقرار ليبيا ويدعمون الإرهاب هناك، فقال: «أقول: اللعبة انتهت في ليبيا .. نعم، لعبة الإخوان وقطر وتركيا انتهت في ليبيا إلى الأبد، وعليهم تقبُّل الهزيمة والاستعداد للتعامل مع انكشافهم أمام العالم كله».

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

زميلي الروبوت

نقاشات منتدى الإعلام العربي الثامن عشر، في جلساته وورش عمله، تناولت التغيرات والتحديات التي يشهدها الإعلام العربي، وهذا المنتدى كان سبّاقاً في استشراف مستقبل الإعلام منذ دوراته الأولى .. وجلسات ذكرتني بالمقولة الشهيرة للكاتب والمفكر والعالِم في دراسات المستقبل ألفين توفلر، وهو مؤلف كتاب «إعادة التفكير في المستقبل»، يتحدث عن أُميّة القرن الحادي والعشرين ويقول: «الأميون في القرن الحادي والعشرين ليسوا من لا يقرؤون ولا يكتبون، لكن أميي القرن الجديد هم الذين ليست لديهم قابلية تعلم الشيء ثم مسح ما تعلموه ثم تعلُّمه مرة أخرى».

وهذه النظرية تنطبق على مجالات الحياة كافة (قابلية تعلم الشيء ثم مسحه ثم تعلمه مرة أخرى)، ومنها الإعلام، بل تنطبق على الإعلام بشكل أكبر وأوضح.

فالإعلام في هذا العصر المتغير والمتطور تكنولوجياً يواجه التحديات بشكل يومي وسريع، الأمر الذي يجعل أي مؤسسة إعلامية تتعامل ببطء وتقليدية مع المستجدات تبقى خارج سباق المستقبل، ما يعني أنه لم يعد كافياً أن تتغير المؤسسات الصحافية والإعلامية، وأن تتبع أحدث خطط التغيير، بل عليها أن تكون مستعدة لأن تتبع هذا التغيير بتغيير جديد طبقاً لأحدث المستجدات، والتغيير في عالم الإعلام لم يعد مرتبطاً بخطة خمسية أو حتى خطة سنوية، وإنما أصبح مرتبطاً بشكل مباشر بالتطور التقني الذي يشهده العالم.

المؤسسات التي لن تكون أسرع من الجمهور في التعامل مع التكنولوجيا المتطورة ستكون في خطر حقيقي، ليس خطر التراجع في المنافسة وإنما خطر الخروج من المنافسة، بل الاختفاء من الساحة الإعلامية نهائياً، فقد أصبح الجمهور اليوم يتعامل مع الأدوات الإعلامية مباشرة ويستخدمها بكل سهولة.

أما المؤسسات الإعلامية فلا تزال تحتفظ بشيئين مهمين، الأول هو المهنية والحرفية الإعلامية، والآخر هو أخلاقيات المهنة والمصداقية، والمتغيرات الأخيرة أكدت أن عدم مواكبة هذين الأمرين عبر اللحاق بالتطور التكنولوجي يجعل المؤسسات الإعلامية تخسر وتتراجع، خصوصاً مع ظهور «الإعلامي الروبوت»، الذي سيكون زميلنا الجديد في صالة التحرير وعلى شاشة التلفزيون، والذي ستكون تكلفته أقل، ويعمل بلا كلل ودون ساعات عمل محددة، إضافة إلى حلول الذكاء الاصطناعي المتعددة والمتزايدة في مجال الإعلام.

واقعياً، الإعلام التقليدي دخل غرفة الإنعاش، وهو بحاجة إلى جهد وعمل كبيرين، لإعادة تلك المؤسسات إلى الحياة، كما كانت سابقاً، وهذه مسؤولية الإعلاميين والقائمين على الإعلام معاً، من خلال التفكير بأساليب جديدة للعمل في المؤسسات الإعلامية.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

الجولان لمن؟

بلا شك، إن العالم يتفهم شعار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عندما قال «أمريكا أولاً»، لكن لا أحد يفهم ما الذي يجعل رئيس الولايات المتحدة يمنح أرضاً لا يملكها لمن احتلها لعقود، فهضبة الجولان ليست أمريكية ولا إسرائيلية، وليست أرضاً للنظام السوري، بل هي أرض لدولة عربية ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، فكيف يقرر رئيس الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة إسرائيل على هذه الأرض العربية السورية؟!

ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة وما يحاك حول القضية يبدو مثيراً للقلق، ليس للفلسطينيين فقط وإنما لجميع العرب والعالم، ففي الوقت الذي كان فيه ترامب يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة.

من الواضح من كل الخطوات التي يقوم بها ترامب أن تغييراً وحسماً للقضية الفلسطينية سيتم في عهده لطي ملف طالما أربك الإدارة الأمريكية، ويبدو أنه أرهقها، وبالتالي يبدو أن تصفيته الآن متاحة، ومن غير المتوقع أن إدارة أمريكية أخرى ستكون قادرة على حسمه كما يمكن أن يفعل ترامب، وبما يخدم إسرائيل واليمين الإسرائيلي ونتنياهو بالتحديد، وهذا ما يعني أن الانتخابات الإسرائيلية ستنتهي بعودة نتنياهو، فكل ما تقوم به الإدارة الأمريكية يدعم ذلك من خلال مواقفها وأفعالها، سواء حيال القدس أو الأونروا أو ملف الجولان السوري، ويمنح نتنياهو وحزبه الليكود زخماً سياسياً وإعلامياً، وبالتالي انتخابياً بشكل كبير.