88552_ALR_14-10-2019_p32-1

لا للحرب في الخليج

إذا أردنا أن نلخّص ما يردده الناس في المنطقة هذه الأيام في جملة واحدة فهي «لا للحرب في الخليج العربي».

فهذا ما يطالب به الصغير قبل الكبير والمسؤولون قبل الشعب والتجار قبل الجمهور والمقيم والغريب، لا أحد يريد حرباً ونزاعاً من أي نوع في هذه المنطقة، فالسلام هو المطلوب والتعايش هو الشعار والتنمية هي الغاية، وغير ذلك مرفوض لأنه لن يخدم غير أعداء المنطقة والمتربصين.

مشكلة المنطقة الحالية ليست بسبب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، أما الحديث عن تكرار سيناريو غزو العراق مع إيران فلا يبدو دقيقاً، والمشكلة مع مرشد الثورة علي خامنئي ومشكلة إيران واضحة، وهي تكمن في النظام بأكمله وبأجندة استمرت أربعة عقود كاملة بأهداف عدائية بعيدة كل البعد عن أي التزامات قانونية أو أخلاقية، فالنظام الإيراني لا يزال يعلن أنه ثوري، وبالتالي يؤكد إصراره على نشر ثورته في المنطقة مهما كلّفه الأمر! وهذا ما لا يمكن قبوله، ولا يمكن أن تنسى شعوب المنطقة أن الفتنة الطائفية التي نعيشها بين المذهبين الشيعي والسني لم تظهر إلا مع ثورة الخميني؛ فقبل ذلك كان لكل طرف شعائره ومعتقداته ويحترم الطرف الآخر، أما بعد الثورة الخمينية فأصبح الناس في منطقتنا يقتلون بعضهم بعضاً بناء على أسمائهم وحسب بيانات بطاقة الهوية.

هذا شيء واحد مما تسبب به هذا النظام في المنطقة واللائحة طويلة جداً، لذلك فإن عادل الجبير بعدما استعرض قائمة الجرائم التي ارتكبها النظام الإيراني قال إننا لا نريد حرباً والكرة في الملعب الإيراني، وهذا يعني أن على إيران أن تعدّل من سلوكها مع جيرانها وأن تضع نهاية لثورتها، وبالتالي تكون عنصراً إيجابياً وفعالاً في المنطقة.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

العراق هو الحل!

هذا هو منطق النظام الإيراني، فمنذ اختطاف ثورة الإيرانيين قبل أربعين عاماً وسيطرة الملالي على الحكم في إيران والنظام يقفز على العراق في كل مرة ابتداء بحرب الثماني سنوات مروراً باستغلال الحرب الأمريكية على العراق بداية القرن الحالي والاستفادة من الفراغ السياسي في العراق ونشر نفوذ طهران على هذا البلد العربي والتحكم في قراراه السياسي ومقدّراته الاقتصادية وصولاً إلى زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للعراق، يوم أمس، بعد أن أصبحت العقوبات الأمريكية أمراً واقعاً على النظام في طهران.

تأتي هذه الزيارة بعد تصاعد الضغوط الأمريكية والغربية اقتصادياً وسياسياً على طهران. وقبل أيام من زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة، فزيارة روحاني للعراق محاولة من النظام لإيجاد حل للمشكلات الاقتصادية وهروب من التململ الشعبي والمشكلات الداخلية وثالثاً هروب من مشكلة ضعف الخيارات الإقليمية، فلا توجد دولة في الإقليم سوف تستقبل الرئيس الإيراني بحفاوة إلا العراق.

المأزق الجيوسياسي الذي يعيشه النظام الإيراني صعب ومعقد ولا يرى روحاني حلاً لذلك المأزق إلا بزيارة العراق، فمن الشرق لدى النظام علاقات تتسم بتوتر حدودي مع باكستان، ومخاوف مستمرة من أفغانستان، ومن الغرب هناك أزمة حقيقية مع دول الخليج باستثناء قطر، وفي أقصى الشمال الغربي، هناك علاقات غير متجانسة مع تركيا، التي تخوض حرباً ضد حليف طهران في سوريا، لذا فإن الرئة السياسية والاقتصادية الوحيدة للنظام الإيراني اليوم هي العراق مع تمتلكه طهران من تأثير قوي في السياسيين وما تسيطر عليه من مشاريع البنية التحتية وقطاع النفط… إضافة إلى أن للنظام الإيراني نحو مئة مليشيا تدعمه وتشرف على تحركاته، وهي تشكل «جيشاً موازياً» لأي جيش وطني.

الغطرسة الإيرانية جعلت الرئيس روحاني يقلل من تأثير العلاقات الأمريكية العراقية في العلاقات العراقية الإيرانية، معتبراً أن العلاقة بين طهران وبغداد «علاقة خاصة لا يمكن مقارنتها مع علاقة بغداد بواشنطن»، وذلك رغم إعلان ترامب قبل أسابيع أن قواته ستبقى في العراق بهدف «مراقبة إيران».

إيران بحاجة إلى حل مشكلاتها جذرياً وليس الهروب إلى الأمام والاتكاء على العراق كل مرة، والنظام الإيراني من المهم أن يدرك أنه أصبح مكشوفاً أمام الشعب العراقي الذي لم تعد تخدعه الشعارات الإيرانية الزائفة، فلم يبقَ مع طهران إلا مجموعة من السياسيين المستنفعين، وهؤلاء سيخرجون من الفلك الإيراني قريباً، فهل يدرك النظام الإيراني حجم المأزق الذي يعيشه بعد أن خسر العالم شرقاً وغرباً؟!