88552_ALR_14-10-2019_p32-1

أول رائد فضاء إماراتي وليس الأخير

تَحقق بالأمس طموح المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بوصول الإمارات إلى الفضاء.. ونجحنا في أن ننقل أحلامنا من الأرض إلى الفضاء وأن نواصل الاستثمار في المستقبل وفي أجيالنا المقبلة، فوصول رائد الفضاء هزاع المنصوري بالأمس إلى محطة الفضاء الدولية جعل كل إماراتي يشعر بالفخر وبالمسؤولية في الوقت نفسه، وكذلك بالاعتزاز بقيادة الإمارات التي تصر على أخذ الإمارات إلى حيث لا يتوقع أحد، وتواصل التمسك بفكر زايد الذي لم يعترف بالمستحيل، فتلك الصورة التي مضى عليها قرابة نصف قرن وهو يجلس مع عدد من علماء الفضاء يطلع على مجسم مركبة الفضاء كانت حاضرة دائماً أمام قيادة الإمارات وكانت ملهمة لأبناء الإمارات، والشيخ زايد يستحق أن تتحقق كل أحلامه، وهو الذي حقق الحلم الأكبر المتمثل باتحاد دولة الإمارات وبناء إنسان الإمارات.

دولة الإمارات قررت منذ زمن بعيد أن تشق طريقها إلى المستقبل بكل ثبات، وأبناء الإمارات عاهدوا القيادة ألا يترددوا في تقديم كل ما لديهم، ليس للإمارات فقط، وإنما لما فيه خير البشرية كلها، فإذا كان إنجاز الأمس إماراتياً، فلا شك في أن أي خير ونتيجة منه ستكون لجميع العرب، بل ولما فيه خير البشر، لذا فإذا كان هزاع المنصوري هو أول رائد فضاء إماراتي، فإنه لن يكون الأخير، وإذا كانت هذه أول مهمة إماراتية للفضاء فنحن على ثقة بأنها البداية لمهمات متتالية، وعندما يعود هزاع في الـ٣ من أكتوبر المقبل إلى الأرض مرة أخرى، سننتظره جميعاً في الإمارات، وسيدعمه الجميع في تحمل مسؤولية مواصلة العمل من أجل بقاء قناة التواصل بين الإمارات والفضاء مفتوحة إلى الأبد.

الشيء الوحيد الذي كان ينقصنا ونحن نتابع انطلاق المركبة التي تحمل المنصوري إلى الفضاء هو وجود الشيخ زايد بيننا، فكم ستكون فرحته عظيمة بهذا المشهد، وكم سيكون فخوراً بأبنائه وهم يحققون حلمه.

رحلة هزاع إلى الفضاء كأول عربي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، والثالث الذي يصل إلى الفضاء، بعد رائد الفضاء السعودي الأمير سلطان بن سلمان ورائد الفضاء السوري محمد فارس، اللذين حققا إنجاز الوصول إلى الفضاء في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، هو إنجاز يضاف لكل العرب، وعلينا أن نبني عليه إنجازات مقبلة وألا نتأخر عن ركب الدول المتقدمة.

بلا شك هذا الإنجاز والرحلة التاريخية ستكون ملهمة للآلاف من الشباب العربي الذين يحلمون يوماً بأن يصلوا إلى الفضاء، وبلا شك فإن شبابنا العربي يستحقون أن يحققوا ما يحققه غيرهم من شباب العالم، فكل ما نحتاج إليه قيادة حكيمة مُحبة، تؤمن بأبنائها وتفكر في المستقبل وتضع مصلحة الوطن وخير البشر نصب عينيها، وهذا ما يحدث في الإمارات دائماً.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

زايد.. معنا وبيننا

لن ينسى أحد ممن كان في أبوظبي وفي الإمارات هذا اليوم، التاسع عشر من رمضان عام 2004، وبالتحديد بعد صلاة التراويح، عندما تم الإعلان عن وفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تلك الأجواء الروحانية من شهر الخير والرحمة صدم الإماراتيون وكل من يعيش على أرض الإمارات بهذا الخبر المفجع، فالشيخ زايد كان معنى كبيراً للجميع، فهو الأب والقائد والمعلم والإنسان الذي نتعلم منه كل يوم، وخبر وفاته لم يكن سهلاً، لأن غيابه سيكون صعباً.

واليوم ونحن نتذكر رحيله عنا جسداً، ندرك أنه لم يغادرنا روحاً، فهو معنا كل يوم وكل ساعة بإنجازاته الكبيرة التي نمر عليها يومياً، وبأفعاله العظيمة التي نسمع عنها من البعيد قبل القريب، فخير زايد وعطاؤه كانا بلا حدود، لذا نجد أن حب الناس واحترام العالم له بلا حدود.

أما أبناء زايد، بنات وشباب الإمارات الذين يعشقون زايد، وإن لم يعيشوا زمانه أو لم يروه، فمسؤوليتهم كبيرة بحجم حبهم له، وهذه المسؤولية تترجم على أرض الواقع بالسير على نهج زايد والحفاظ على مكتسبات دولة الاتحاد وإنجازات وعطاءات الإمارات للعالم، فرهان الشيخ زايد، طيب الله ثراه، منذ اليوم الأول كان على الإنسان، واليوم ونحن نقترب من اليوبيل الذهبي لدولة الاتحاد نرى ما حققه الشيخ زايد للإنسان في الإمارات من تعليم متميز وخدمات صحة متقدمة وفرص العمل المناسبة والحياة الكريمة والأمن والأمان والمستقبل المزدهر، وهذه الأمور لم تتحقق بين يوم وليلة ولا بسهولة، لذا تتطلب منا جميعاً الحمد والشكر، ومن ثم رد الجميل، وذلك يكون بالعمل الجاد والتفاني من أجل الوطن، وثانياً بمواصلة التحلي بروح المودة والتسامح التي تميز بها آباؤنا، فهذا ما كان يوصينا به الشيخ زايد حتى آخر يوم في حياته.

في هذا اليوم نجدد العهد بأن نواصل المسير والعمل بروح عالية وثابة، وكأن الشيخ زايد معنا .. فلو كان بيننا لافتخر بنا وبما نقوم به.

رحم الله الشيخ زايد وأسكنه الفردوس الأعلى.