88552_ALR_14-10-2019_p32-1

العرب أمام مسؤولية تاريخية اليوم

يلتقي اليوم في مكة المكرمة قادة الدول العربية والخليجية، وأمام الكعبة المشرفة يجتمعون في أحد أهم الاجتماعات العربية لأنه اجتماع في ظرف حساس وفي وقت تمر فيه المنطقة العربية بأخطار حقيقية، فمنذ الغزو الأمريكي للعراق والمنطقة تعيش حالة من عدم الاستقرار، وبعد عام 2011 لم تعرف منطقتنا الهدوء والأمن فأصبحت الدول العربية مشتعلة وكرة النار تنتقل من بلد إلى آخر، حتى أصبح كل بلد منشغلاً بإطفاء الحريق الداخلي وتهدئة الأوضاع السياسية، هذا الأمر تكرر في عدة دول.. بدأ في مصر وانتقل إلى تونس ثم ليبيا ثم سوريا ثم اليمن وكاد يصيب الأردن والمغرب وبعض دول الخليج، وما إن هدأ الحال قليلاً في بعض الدول كمصر وتونس حتى بدأت الأمور تعود للاضطراب أكثر في دول أخرى مثل اليمن وسوريا، وأخيراً اشتعل الوضع في السودان والجزائر..

في خضم هذا المشهد العربي المقلق والمضطرب استغلت «الجارة» إيران انشغال العرب بأحوالهم الداخلية فبدأت التدخل في شؤون جيرانها الداخلية وإثارة القلاقل والفتن وصب الزيت على النار من أجل تحقيق حلمها التوسعي وسيطرتها على المنطقة، الأمر الذي تنبهت له بعض الدول كالمملكة العربية السعودية والإمارات ومصر وبدأت في مواجهتها، إلا أن إيران لا تريد أن تعترف بأخطائها واستمرت في المكابرة وإشعال الحروب، خصوصاً في اليمن بواسطة الحوثيين وفي سوريا بواسطة الميليشيات التي تتبعها، وبتقوية النظام في قطر على جيرانها العرب، وعندما استنفدت دول العالم المحاولات في ردعها لم يكن إلا التلويح لها بالقوة، وهو ما جعل إيران تتوقف قليلاً بالأساطيل العسكرية الأمريكية التي أرعبت النظام الإيراني وجعلته يشعر بأن المسألة جدية وليس أمامها سوى احتواء الغضب الأمريكي والعربي.

العرب المجتمعون في مكة اليوم يجب ألا يقفزوا على هذه الحقائق، فهم أمام مسؤولية تاريخية تجاه شعوبهم وأمتهم، ويفترض أن يكونوا قادرين على إدراك حجم الخطر الإيراني، ويجب أن يفهموا أن الصراع ليس بين إيران والسعودية كما يحاول أن يصوره البعض، وإنما هو صراع بين النظام الإيراني والأمة العربية، وهذا ما يستوجب الخروج بقرارات تاريخية من القمتين العربية والخليجية اليوم؛ فالتاريخ والشعوب لن تغفر لمن اجتمع وتراخى في حماية المنطقة من الأخطار المحدقة.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

مكة.. فرصة إيران وقطر

عامان مضيا على مقاطعة أربع دول عربية لقطر، ففي نهاية شهر مايو من العام 2017، قررت السعودية والإمارات ومصر والبحرين قطع علاقاتها بقطر، وكان ذلك القرار بعد القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض، وبعد البيان القطري الشهير على وكالة الأنباء الرسمية لها.. وغداً ستبدأ أعمال قمم مكة الثلاث، قمة خليجية وقمة عربية ويوم الجمعة قمة إسلامية، وبلا شك أن مثل هذا الاجتماع الكبير سينتج عنه شيء مهم، وإن كان الحديث يدور حول أن القمة ستركز على الاعتداءات الإيرانية الأخيرة وستتناول الموقف من النظام الإيراني وما يقابله من تحرك عسكري أمريكي إلا أن هذه القمم ستحرك كثيراً من الملفات المهمة والعالقة التي تحتاج إلى فعل حقيقي.

وزير خارجية قطر السابق حمد بن جبر يقول في تغريدة له على تويتر إنه غير متفائل بنتائج هذه القمم! فمنذ متى كان هو وأمير قطر متفائلين أو حتى مهتمين بنتائج القمم العربية والخليجية؟! ويفترض أنه لن يكون متفائلاً لأنه أصبح خارج اللعبة السياسية في المنطقة، كما أنه لن يكون سعيداً أبداً إذا ما ظهرت أي بوادر لانتهاء الأزمة القطرية أو حدوث انفراج في هذه الأزمة التي كان هو شخصياً أحد أسبابها الرئيسة خلال السنوات الماضية.

القمم الثلاث فرصة حقيقية للنظامين في قطر وإيران، ففرصة قطر أن تعيد ترتيب وضعها مع دول المنطقة، وأن تتوقف عن التغريد خارج السرب والبحث عن حلول خارج البيت الخليجي، لأنها تعرف منذ اليوم الأول أن حل أزمتها في الرياض، وقد جاءتها فرصة ذهبية وبالقرب من بيت الله الحرام في مكة المكرمة، فهل تستفيد من هذه الفرصة؟

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

إعلام الجيران في الدفاع عن إيران!

في الجانب المقابل للأحداث في المنطقة، بعد العملية التخريبية الموجهة ضد أربع سفن في خليج عمان، والهجوم على مضختَي النفط في الرياض، هناك مشهد يستحق التدقيق، وهو الإعلام القطري، الذي ذهب بعيداً في تفسيراته وتحليلاته المعادية لتلك العملية، فاستضاف الأشخاص الذين يروّجون لنظرية المؤامرة، ويحاولون أن يخدعوا الجميع بأن النظام الإيراني بريء من العمليات التخريبية، وأن هناك من «افتعل» ذلك التخريب.

الغريب أن القناة لم تنتظر نتائج التحقيقات التي يقوم عليها فريق إماراتي وفريق دولي للكشف عن المتسبب في تلك العمليات ومن يقف وراءها، ومالت قناة الجزيرة، التي يفترض أنها عربية، إلى الجانب الإيراني كل الميل، بل وألمحت باتهام غير إيران لأن النظام الإيراني أعلن عدم مسؤوليته!

نتساءل، ما موقف القناة بعد أن أعلنت ‏المملكة العربية السعودية، أمس، أن الهجومين على المنشآت النفطية كانا بواسطة طائرات بدون طيار، واتهمت الحوثيين بارتكاب هذه الجريمة؟ .. وبعد أن اتضحت الحقيقة، واتضحت حقائق كثيرة قبل ذلك .. نتساءل، إلى متى تبقى قناة الجزيرة وغيرها المحسوبة على إيران وتركيا والإخوان، والتي تعادي المملكة العربية السعودية والإمارات، مستمرة في نشر الأكاذيب وإخفاء الحقائق عن مشاهديها والجمهور العربي، والدفاع عن من يرتكبون الجرائم ضد هذه الدول؟!

لقد لاحظ الجميع منذ الإعلان الإيراني عن الهجوم التخريبي على السفن الأربع في خليج عمان، كيف أن قناة الجزيرة قامت بكل شيء، وتحركت بكل ما لديها من قوة كي تنفي التهمة عن النظام الإيراني، وتدافع عنه! وتستضيف محللين ومن تسميهم خبراء كي يبعدوا التهمة عن النظام الإيراني، بل ذهب ذلك الإعلام إلى أبعد من ذلك بأن حاول أن يُفهم العالم أن تلك الجريمة «مفتعلة» وليس وراءها إيران أو أي طرف آخر، فماذا سيقول كل هؤلاء بعد أن تبيّن أن الحوثيين الإيرانيين وراء تفجيرات المنشآت النفطية السعودية؟

واللافت إصرار هذه القناة على الوقوف إلى جانب إيران ضد جيرانها العرب، فهي لم تتوقف يوماً عن الترويج للقوة العسكرية الإيرانية وتمجيد بطولاتها لدرجة أنها تحوّلت إلى بوق إيراني لإخافة شعوب المنطقة!

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

لاهاي .. قطر تخسر مجدداً

ذهبت الدوحة إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي لتشكو الإمارات، هناك ادعت الدوحة أن «الإمارات أصدرت واتخذت إجراءات تمييزية تستهدف المواطنين القطريين بناء على جنسيتهم»! وهذه المحاولة القطرية المكشوفة ليست الأولى وهدفها الرئيس ليس المواطن القطري وحقوقه وإنما هدفها الضغط على دولة الإمارات من أجل إنهاء المقاطعة التي تعيشها الدوحة منذ سنتين، إلا أنها محاولة مكتوب عليها الفشل، ولن تغير في واقع الأمر شيئاً ما دام النظام القطري لم يغير سلوكه ولم يتوقف عن دعم وتمويل وإيواء الإرهابيين، وهنا مربط الفرس في الخلاف مع نظام قطر وفي قرار كل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر مقاطعتها.

النظام القطري يعرف أن الشعب القطري مرحب به في الإمارات، ما دام يتبع الإجراءات المطلوبة، ومنها الحصول على إذن مسبق للدخول إلى الإمارات، لذلك حجب النظام القطري الموقع الإلكتروني الذي يستخدمه المواطن القطري للحصول على إذن دخول للإمارات ليزيد من أزمة المواطن ويلقي باللوم على الإمارات!

الإجراء الذي تتخذه الإمارات يتفهمه من هم في لاهاي، فهو اعتيادي وقانوني تتخذه الكثير من دول العالم لدخول مواطني الدول الأخرى، ففي الماضي كان هذا الإجراء غير متبع بسبب العلاقات الإيجابية التي تربط بين البلدين، أما اليوم وفي ظل وجود الخلاف الجوهري بين البلدين فمن حق الإمارات أن تتخذ الإجراءات المناسبة لحماية أرضها ومواطنيها ومن يعيشون عليها، خصوصاً بعد أن ثبت دعم الدوحة للإرهاب ووجود عدد كبير من الإرهابيين في قطر تحت رعاية الدولة القطرية وفي ضيافتها، ما يجعل من الطبيعي أن تتخذ الإمارات إجراءات احترازية لمنع دخول أي من أولئك الإرهابيين إلى الإمارات عبر الدوحة أو منها.

أكدت الإمارات والدول المقاطعة أن خلافها ليس مع الشعب القطري الشقيق وإنما مع نظام الدوحة، لذا، فإن القطريين مرحب بهم في الإمارات، أما ذهاب نظام الدوحة إلى لاهاي فلن يزيد الدوحة إلا خسارة.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

قطر .. أعداؤنا المصريون!

من جديد يكشف نظام قطر عن حقيقته وعن عدائه للشعوب العربية، ولكن هذه المرة في ليلة رمضان والمسلمون على أبواب شهر الرحمة والتسامح .. ولكن أركان نظام قطر يصرون على التأكيد أن منهم لا يأتي الخير حتى في أفضل الشهور.

فتصريح رئيس مجلس السياحة القطري أكبر باكر، بالأمس، كشف ما كان ملتبساً على البعض عندما وصف المصريين بأنهم «أعداء» قطر، ويؤكد أن نظام قطر يعتبر الشعوب العربية عدوة له وفي خلافاته السياسية مع مصر زج من جديد بالشعب في أزمته مع الدول العربية الأربع التي تقاطع قطر منذ عامين. فالدول الأربع تؤكد دائماً بالأقوال والأفعال أن خلافها مع النظام القطري، وأن الشعب القطري لا يتحمل أخطاء نظامه، وبالتالي فإنه مرحب به في كل الدول وفي أي وقت، أما قطر فهذه سياستها القديمة التي أدت بها في كثير من الأوقات إلى أن تشعل الحروب والثورات في دول عربية ويذهب ضحية تلك الحروب والثورات آلاف البشر دون أن تكترث، وما حدث مع النظام السوري والليبي أكبر مثال أمام أعين العالم اليوم.

شعب مصر العظيم لم يكن يوماً عدواً لأي بلد عربي إلا في العقول المريضة لبعض المسؤولين، فالشعب المصري حتى يوم أمس كان يدرك أن إسرائيل فقط هي التي تعتبره عدواً، أما اليوم فاكتشف أن هناك مسؤولين في دويلة عربية يعتبرون المصريين أعداء!

ويبدو أن المسؤول القطري الذي سيعتذر قريباً عن خطئه الكبير هذا – إن لم يعتذر قبل نشر هذا المقال – قد نسي أن هناك آلاف المصريين يعيشون ويعملون في قطر، وقد أصيبوا بصدمة وهم يستمعون إلى مسؤول قطري يصنفهم «أعداء» وهم بعد هذا التصريح بلا شك لن يشعروا بالأمان في بلد يصفهم فيه أحد أكبر المسؤولين فيه بأنهم أعداء!

لقد ذهب النظام القطري بعيداً في خلافه السياسي الذي حوّله إلى إهانة للشعوب، وكذلك التعدي على المقدسات الدينية عندما طالب بتدويل الحج، وقبل ذلك الإضرار الاقتصادي والتجاري عندما منع دخول البضائع الإماراتية إلى قطر ثم تراجع عن ذلك بعد اكتشاف مخالفته للاتفاقات والمعاهدات الدولية.

عداء مسؤولي النظام القطري لمصر قديم ومفضوح ولم ينسَ المصريون بعد «صحفي الطعمية» الذي اختزل حضارة وتاريخ وشجاعة وتضحيات مصر وشعبها في طبقي الفول والطعمية فاختفى هو وبقيت مصر وستبقى عملاقة أمام كل قزم غرته بعض الريالات فنسي حجمه!