88552_ALR_14-10-2019_p32-1

العراق هو الحل!

هذا هو منطق النظام الإيراني، فمنذ اختطاف ثورة الإيرانيين قبل أربعين عاماً وسيطرة الملالي على الحكم في إيران والنظام يقفز على العراق في كل مرة ابتداء بحرب الثماني سنوات مروراً باستغلال الحرب الأمريكية على العراق بداية القرن الحالي والاستفادة من الفراغ السياسي في العراق ونشر نفوذ طهران على هذا البلد العربي والتحكم في قراراه السياسي ومقدّراته الاقتصادية وصولاً إلى زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للعراق، يوم أمس، بعد أن أصبحت العقوبات الأمريكية أمراً واقعاً على النظام في طهران.

تأتي هذه الزيارة بعد تصاعد الضغوط الأمريكية والغربية اقتصادياً وسياسياً على طهران. وقبل أيام من زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة، فزيارة روحاني للعراق محاولة من النظام لإيجاد حل للمشكلات الاقتصادية وهروب من التململ الشعبي والمشكلات الداخلية وثالثاً هروب من مشكلة ضعف الخيارات الإقليمية، فلا توجد دولة في الإقليم سوف تستقبل الرئيس الإيراني بحفاوة إلا العراق.

المأزق الجيوسياسي الذي يعيشه النظام الإيراني صعب ومعقد ولا يرى روحاني حلاً لذلك المأزق إلا بزيارة العراق، فمن الشرق لدى النظام علاقات تتسم بتوتر حدودي مع باكستان، ومخاوف مستمرة من أفغانستان، ومن الغرب هناك أزمة حقيقية مع دول الخليج باستثناء قطر، وفي أقصى الشمال الغربي، هناك علاقات غير متجانسة مع تركيا، التي تخوض حرباً ضد حليف طهران في سوريا، لذا فإن الرئة السياسية والاقتصادية الوحيدة للنظام الإيراني اليوم هي العراق مع تمتلكه طهران من تأثير قوي في السياسيين وما تسيطر عليه من مشاريع البنية التحتية وقطاع النفط… إضافة إلى أن للنظام الإيراني نحو مئة مليشيا تدعمه وتشرف على تحركاته، وهي تشكل «جيشاً موازياً» لأي جيش وطني.

الغطرسة الإيرانية جعلت الرئيس روحاني يقلل من تأثير العلاقات الأمريكية العراقية في العلاقات العراقية الإيرانية، معتبراً أن العلاقة بين طهران وبغداد «علاقة خاصة لا يمكن مقارنتها مع علاقة بغداد بواشنطن»، وذلك رغم إعلان ترامب قبل أسابيع أن قواته ستبقى في العراق بهدف «مراقبة إيران».

إيران بحاجة إلى حل مشكلاتها جذرياً وليس الهروب إلى الأمام والاتكاء على العراق كل مرة، والنظام الإيراني من المهم أن يدرك أنه أصبح مكشوفاً أمام الشعب العراقي الذي لم تعد تخدعه الشعارات الإيرانية الزائفة، فلم يبقَ مع طهران إلا مجموعة من السياسيين المستنفعين، وهؤلاء سيخرجون من الفلك الإيراني قريباً، فهل يدرك النظام الإيراني حجم المأزق الذي يعيشه بعد أن خسر العالم شرقاً وغرباً؟!

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

إيران وعقدة النصيحة

ما يزال النظام الإيراني يعتقد أن لديه قدرة التأثير في القرارات الأممية والتحكم بالمنظمات الدولية والإقليمية! أما موقفه الأخير واحتجاجه على البيان الختامي لمنظمة التعاون الإسلامي، فلا يؤكد إلا مدى ارتباكه وعدم قدرته على الانسجام مع محيطه الإقليمي والإسلامي.

كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، خلال اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في أبوظبي، كانت واضحة وصريحة وصادقة لإيران، فقد دعاها لأن تكون جزءاً من المنظومة الإقليمية والعالمية، وأن تحترم دول الجوار، وألا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، وكذلك طالبها بأن تتوقف عن دعم الإرهاب .. وكل هذه حقائق يعرفها العالم، فلماذا تغضب طهران من سماع الحقيقة؟!

المعادلة البسيطة في السياسة تقول: احترم الدول تحترمك .. واحترم سيادتها تحترم سيادتك .. ولا تتعامل معها بفوقية تكسب احترام العالم .. والمعادلة البسيطة الأخرى تقول عش الحاضر بواقعية تصل إلى المستقبل بثبات وأمان.

النظام الإيراني حتى اليوم يعيش خارج المعادلات الصحيحة، بل خارج المنطق، لذا فإنه يخسر خارجياً حتى وصل به الحال إلى أنه خسر الداخل والكثير من مؤيديه الذي انقلبوا عليه وأصبحوا ضده.

من المهم أن يتذكر هذا النظام أن دول المنطقة والقوى العالمية الكبرى حافظت على بقائه حين كان على حافة الانهيار والسقوط .. ولم يكن ذلك إلا من أجل الحفاظ على السلم الداخلي وأمن واستقرار المنطقة، فالنظام الإيراني يدرك اليوم كم هو متهالك من الداخل بسبب سياساته التي يرفضها الشعب .. وضعيف مع الخارج بسبب دعمه للإرهاب وتدخله السافر في شؤون الدول الأخرى.

الإمارات لا تنتظر النصائح من إيران وغيرها من الدول الملطخة أيديها بدماء الأبرياء والمتورطة بدعم الإرهاب في كل مكان .. وفي الوقت نفسه ستستمر الإمارات في تقديم النصح لإيران لأن استقرار المنطقة ومصلحة شعوبها يأتي في صلب أولويات الإمارات .. أما الجزر المحتلة الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، فقد كانت إماراتية عربية وستبقى كذلك، مهما طال الاحتلال، فحقنا لن نتنازل عنه، وسنبقى نطالب بجزرنا كل يوم وفي كل مكان .. جيلاً بعد جيل.