88552_ALR_14-10-2019_p32-1

كورونا.. والبشر المتضامنون

من الكلمات التي اختفت من قاموس ومن حياة بني البشر خلال السنوات والعقود الماضية كلمة «التضامن»، أما الآن وبعد أن كانت الحروب والنزاعات والمنافسة على كل شيء هي شعار البشر، أصبح الناس يفكرون اليوم في قيمة يفتقدونها، وأصبحوا بحاجة إليها وهي التضامن.

التضامن في الإمارات نهج دائم يعرفه كل من يعرف دولتنا، ومؤخراً في أزمة كورونا بالتحديد تجلت صورة التضامن بشكلها السامي والكبير، من خلال مبادرة الشيخ محمد بن زايد، باستقبال مجموعة من العرب العالقين في مدينة ووهان الصينية بسبب فيروس كورونا وعدم قدرة دولهم على استقبالهم، ففي الوقت الذي كانت الدول تتحاشى فيه دخول حالات إليها، تضامنت الإمارات مع العالقين وخصصت لهم مدينة أطلقت عليها اسم مدينة الإمارات الإنسانية، ووفرت لهم كل الإمكانات الضرورية، بل ووسائل الترفيه حتى ثبت خلو جميع الحالات من الفيروس، وبمجرد الانتهاء من هذه المجموعة استقبلت الإمارات طائرتين قادمتين من المملكة المتحدة تحملان قرابة 400 طالب كويتي وعدداً من الجنسيات الأخرى.

ولم تكتفِ الإمارات بهذا النوع من التضامن، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما علمت بحاجة صربيا لمعدات طبية لمواجهة الفيروس، إذ أمر الشيخ محمد بن زايد بدعمها بالمواد المطلوبة، ما جعل الرئيس الصربي يصف الشيخ محمد بن زايد بـ«الصديق العظيم»، وقبل ذلك، ورغم الخلاف السياسي المعروف، إلا أن الإمارات أرسلت طائرتين تحملان معدات طبية إلى إيران بعد تفشي المرض هناك.

هذه أمثلة لتعاضد وتضامن الإمارات مع القريب والبعيد وصور التضامن كثيرة في العالم، ومنها الصين التي نقلت خبرتها ومعداتها في مواجهة الفيروس إلى دول أخرى.

ومن أمثلة التضامن بين الدول، انعقاد قمة العشرين غداً في السعودية، وهي قمة افتراضية هي الأولى من نوعها، سيناقش المشاركون فيها جائحة (كوفيد-19)، بهدف القضاء عليها وضمان استقرار الاقتصاد العالمي للجميع.

ولأهمية هذا الأمر، دعت منظمة الصحة العالمية مجدداً بالأمس، إلى تضامن دولي في مواجهة تداعيات كورونا.. ومسؤولية التضامن لا تقع على عاتق الدول والحكومات فقط، فكل فرد مسؤول أيضاً حسب موقعه وقدرته وإمكاناته، ويجب أن ندرك أن التخلي عن التضامن في مثل هذا الوضع التاريخي الصعب هو في حقيقته تخلٍ عن روح الإنسانية وعن التضامن البشري الذي نحتاج إليه كجنس بشري لنواجه التحدي المشترك بيننا جميعاً.

في كتابه الشهير، أشار ابن خلدون إلى التضامن تحت مصطلح العصبية، وعرّفها في مقدمته على أنها اللبنة الأساسية في المجتمع الإنساني والقوة الدافعة لعجلة التاريخ.

والتضامن لا يشترط أن يقوم على صلات القربى أو الدم أو المصلحة أو القرب الجغرافي أو الأيديولوجي، ففكرة التضامن تقوم على القيام بسلوك إيجابي يتم فيه تقديم العون والمساعدة للغير دون شروط.

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *