88552_ALR_14-10-2019_p32-1

مكة .. وتوقفت طبول الحرب

على مدى يومين وفي مكة المكرمة أوقف العرب طبول حرب كانت تريدها إيران في المنطقة وأسكتوا كل أصوات الفتنة، فقد نجحت المملكة العربية السعودية في عقد ثلاث قمم كبرى جمعت الخليجيين والعرب والمسلمين، وأوصلت رسالة المنطقة إلى العالم بأننا لا نريد حرباً في هذه المنطقة بل نريد السلام والاستقرار.. وفي الوقت نفسه قال العرب والمسلمون بصوت واحد إنهم لن يفرطوا في فلسطين ولن يتنازلوا عن حقوق هذا الشعب المظلوم.

قد لا تختلف القمة العربية كثيراً عن قمم سابقة، ولكنها حققت ما لم تحققه كثير من القمم السابقة، وهو التوافق على قضية واحدة، فالمواقف العربية كانت واضحة ضد إيران والمطالب العربية بكف إيران عن عبثها لم يختلف عليها أحد – رغم تحفظ العراق على صياغة البيان الختامي – وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لم يختلف أحد على التمسك بالحق الفلسطيني وبالقدس، وهذا ما كشف الدعاية الإعلامية القطرية والإيرانية والتركية المغرضة التي ما فتئت تلمح وتصرح باتهام بعض الدول العربية «ببيع» فلسطين من خلال ما يعرف بصفقة القرن.

إذاً، نجح الملك سلمان بن عبدالعزيز بحكمته في أن يوحّد كلمة العرب – أو أغلبهم – في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها منطقتنا، وأصبحت كلمة السر التي يحتاج إليها الجميع هي «الحكمة»، فالعرب بحاجة إلى أن ينظروا إلى الأمور وأن يحكموا عليها بالحكمة، أي بعيداً عن الأحكام المسبقة وعن المصالح القُطرية وعن المناكفات والأحقاد الشخصية، فأمام العرب سنوات طويلة يحتاجون فيها إلى بعضهم البعض كي يصلحوا ما أفسده الجار الإيراني، وأيضاً ما أفسدوه هم بإيديهم، فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وخصوصاً أن عدونا لم يعد واحداً بل اثنين، إسرائيل وإيران، فهل نستفيد مما تحقق من هذه القمم الثلاث وإن كان محدوداً وهل نستفيد من تجارب العقود الماضية التي كنّا فيها نحن العرب الخاسر الأكبر؟

فلنتمسك بالحكمة أينما وجدت ونتمسك بها بكل ما نملك ولنبحث عن الحكماء ونستمع إليهم ونفسح لهم المجالس.. فنحن بحاجة إلى بائعي المسك أكثر من حاجتنا إلى نافخي الكير.

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *