88552_ALR_14-10-2019_p32-1

الصحوة .. الاعتذار الناقص

ما زال اعتذار الشيخ عائض القرني حديث المجالس في كل دول الخليج، وعلى الرغم من أن هناك من قبِل اعتذار الشيخ، إلا أن هناك من لم يقبل هذا الاعتذار، وكلٌ له أسبابه في ذلك، فهذا الاعتذار وإن كان شجاعاً إلا أنه جاء متأخراً جداً، وجاء بعد أن ضيّعت الصحوة أجيالاً من الشباب السعودي بشكل خاص، والخليجي والعربي بشكل عام، ممن تأثروا بتلك الصحوة وكانوا يذهبون إلى السعودية للقاء مشايخ الصحوة والتعلُّم على أيديهم، والنهل من «علمهم»، وقد اعترف الشيخ القرني بأن ما كانوا يقومون به، فيه كثير من التشدد والغلو والابتعاد عن روح الإسلام السمحة، وأنهم اعتمدوا خطاب التحريم، وحرموا الناس الكثير من الحلال والمباح.

ما فعلته الصحوة باختصار، أنها «كرّهت الناس في الدين»، وهذا ما لا يختلف عليه اثنان، فأصبح الناس في شك من دينهم! فهو دين رحمة ومحبة، ولكن ما يسمعونه من مشايخ الصحوة عكس ذلك، فقد بدا الإسلام من خطاباتهم دين كره وعنف وإقصاء للآخر!

بلا شك، إن هذا الاعتذار محير للكثيرين، فكيف يقبلون اعتذاراً عن سنوات من الأخطاء الكبيرة، وسنوات ضاعت من عمر الأوطان، وسنوات شُوِّهت فيها صورة الإسلام؟ وممن يعتذر أولئك الصحويون، من المجتمع أم من الدولة أم من الدين؟

وهل الاعتذار يكون بمجرد الكلام والندم على ما تم، أم أن هذا الاعتذار يستوجب عملاً ومجهوداً لتصحيح كل تلك الأخطاء.

الحقيقة، إن ما هو مطلوب من الشيخ القرني وغيره من مشايخ الصحوة الذين أقرّوا بخطئهم وتابوا عما كانوا عليه، أن يشمروا عن سواعدهم، وأن يبدؤوا بتصحيح خطأ أربعة عقود ضاعت من عمر هذه الأمة ومن عمر أبنائها وبناتها وخطأ زرع أفكار غير صحيحة في عقول آلاف من شباب العرب والمسلمين.

فالواقع الصعب الذي نعرفه جميعاً أن من يحملون أفكار الصحوة ليسوا في السعودية ودول الخليج فقط، بل هم منتشرون في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا، وكل هؤلاء بحاجة إلى أن يصل إليهم مشايخ الصحوة ويصححوا لهم الأفكار والمفاهيم، فالإسلام الحقيقي هو ما يجب أن يحمله أولئك وينشرونه، أما غير ذلك فسيكون هذا الاعتذار ناقصاً وإن قبِله البعض.

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *