88552_ALR_14-10-2019_p32-1

رجل السلام في يوم السلام

‏يحتفل العالم في 21 سبتمبر من كل عام باليوم العالمي للسلام، لقد اختار العالم أن يكون هذا اليوم بلا نزاع ولا صراع ولا رصاص ولا ضحايا.. 24 ساعة من السلام.

ومنطقة الشرق الأوسط أحوج بقاع العالم إلى السلام بعد عقود من الحروب والصراعات، وسنوات من الاحتلال.. الذي كان سبباً في تأخر دولنا العربية عن باقي الأمم.

عندما ننظر إلى خريطة العالم نكتشف صورة محزنة، وهي أن العرب ما زالوا ضمن دول العالم الثالث، وأهم سبب في ذلك هو الحروب والصراعات، وعلى رأسها الصراع «العربي – الإسرائيلي» القديم المتجدد.

لكن صورة هذا الصراع ووضعه تغيرا اليوم بعد أن بدأت الدول العربية تفكر في خيار السلام مع إسرائيل، ووضع نهاية لصراع دام 70 عاماً، كان العرب فيه الخاسر الأكبر، لذا فمن شأن السلام الجديد ‏أن يجعل المنطقة أكثر استقراراً وأمناً، وأكثر قدرة على التطور وملاحقة ركب الأمم المتقدمة، فهل ننجح في اختبار السلام؟ ‏

كل شعوب المنطقة العربية تتوق إلى السلام، تتوق إلى الازدهار، لقد تعبت هذه الشعوب من الحروب والصراعات، ومن القتل والدمار والتطرف والإرهاب، فالسلام في منطقتنا أصبح غاية كبيرة، وخصوصاً بعد انتشار الإرهاب والخراب بعد «الربيع العربي»، الذي بعثر ‏خريطة المنطقة، وخصوصاً مع التدخلات الإيرانية وأطماعها التوسعية.

في دولة الإمارات، اختارت القيادة أن يكون السلام حياتها اليومية وممارستها الطبيعية، وواقعاً وليس مجرد شعار، ومنذ أسابيع طبقت الإمارات فكرة السلام في أوضح صورها عندما أعلنت معاهدة السلام مع إسرائيل، هذه الدولة التي ظلت في خانة الأعداء طوال‏ عقود، واليوم رأت الإمارات أن السلام هو الطريق لحل الصراع في الشرق الأوسط، أما المقاطعة والصراع المستمر فإنهما ليسا الحل، فاختارت أن تمد يدها إلى إسرائيل أملاً في أن يعم السلام المنطقة.

الشيخ محمد بن زايد الذي يهمه السلام ونشره، اتخذ القرار الشجاع بعقد معاهدة سلام مع إسرائيل، وهو يعمل من أجل غاية السلام في كل مكان في العالم، فالشيخ محمد يفرح بالسلام ويسعى فيه بين الجميع، ولا ينتظر شكراً من أحد ولا جائزة من أي جهة، فكل عمل سموه بصمت وهدوء.

واليوم، يجب على العالم أن ينظر إلى هذه الشخصية العربية الاستثنائية التي تمتلك الشجاعة في اتخاذ القرارات الكبيرة، التي تصب في صالح الشعوب، ‏ويختار الشيخ محمد بن زايد لجائزة السلام، فمن السهل أن يحصل رئيس أمريكي على الجائزة، ومن السهل أن يحصل رئيس وزراء إسرائيلي عليها، وقد حدث ذلك أكثر من مرة، لكن عندما يظهر قائد عربي خليجي يؤدي دور رجل السلام بكل شجاعة، فهذا ما يستحق التقدير في منطقة تحيط بها مخططات الإرهاب والعنف والتطرف من كل صوب.

من المهم أن يقدر العالم هذا الرجل وهذه الشخصية، لتشجيع قادة المنطقة على رفع راية السلام، فمنطقتنا أكثر جزء في العالم بحاجة إلى السلام ومحاربة الإرهاب وخطاب الكراهية، وهذا ما فعله الشيخ محمد بن زايد، الذي حارب الإرهاب بكل أطيافه، من الإخوان إلى القاعدة وداعش، كما نجح في تحقيق الصلح بين إثيوبيا وإريتريا بعد سنوات من الصراع، وكان له دور واضح في جنوب السودان مؤخراً.. إن محمد بن زايد يعمل بكل شجاعة ‏من أجل خير البشرية وسلامها.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

نهاية مفاوض كبير!

يبدو كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات متحمساً هذه الأيام في الدفاع عن القضية الفلسطينية، ليس في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وإنما ضد الدول العربية، والإمارات بعدما وقعت معاهدة السلام مع إسرائيل.

فلم يصمت عريقات لحظة منذ أسابيع، وكل جهده منصب على إلقاء اللوم على الإمارات واتهامها بالإضرار بالقضية الفلسطينية ووصف كل من لا يتفق معه بأنهم «صهاينة عرب»! ويبدو أنه نسي أنه يفاوض الإسرائيليين منذ أكثر من 20 عاماً دون أن يعيد أي شبر لفلسطين أو يحقق أي مكسب للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين، فكل إنجازاته «شخصية» و«عائلية»، أما القضية والقدس والأقصى فلها رب يحميها.

يقول عريقات مبرراً فشله في مهمته: «لو قبلت بما قبلت به دولة الإمارات والبحرين لوقعت اتفاقاً مع إسرائيل خلال 30 ساعة».

يبدو أنه نسي أن الإمارات خلال أشهر قليلة من المفاوضات مع إسرائيل نجحت في إيقاف ضم 30% من أراضي الضفة، الأمر الذي لو تم لكان حل الدولتين ذهب مع الريح كما ذهبت فرص أخرى كثيرة سابقة، وليته بدل الهجوم على الإمارات والبحرين، شرح للشعب الفلسطيني أسباب فشله طوال ربع قرن من التفاوض مع إسرائيل في منصب كبير المفاوضين، الذي يُفترض أنها «مهمة» وليست وظيفة مدى الحياة!

يبدو أن المفاوض الكبير يريد أن يتوقف عن التفاوض ليتفرغ للتدريس في جامعة هارفارد الأمريكية، لذا لاحظناه ينبش ويفتش ويترجم ما وقّعت عليه الإمارات والبحرين، فلماذا كل هذا؟ الإمارات والبحرين وأي دولة عربية أو غير عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل لا يمكنها أن تتخذ أي قرار بشأن القضية الفلسطينية، ولا يحق لها أن تتكلم نيابة عن الشعب الفلسطيني، فليت المفاوض الكبير ركز في مفاوضاته لاسترجاع الحقوق الفلسطينية بدل الإساءة والهجوم على الإمارات وانتقاد المعاهدة.

ليت الدكتور عريقات وجماعته يركزون على قضيتهم ويتركون الدول الخليجية والعربية لحالها، فقراراتها في إقامة علاقات مع أي بلد شأن سيادي، ولا يحق لأحد أن يتدخل فيه، والإمارات أعلنت بكل وضوح والعالم أجمع سمع الشيخ عبدالله بن زايد وهو يقول بكلام عربي فصيح، إن موقف الإمارات من دعم القضية الفلسطينية واضح ولم يتغير.

ويجب أن يتذكر عريقات وجماعته أن الدول العربية كلها بلا استثناء ظلت لعقود طويلة رهن إشارة القيادة الفلسطينية وملتزمة بتوجهاتها من أجل القضية، حتى عندما لم تكن مقتنعة ببعض الخطوات، ودعمت فلسطين مادياً ومعنوياً، إلا أن فشل هذه القيادة المتتالي جعل كل الدول تتوقف وتعيد النظر في طريقة تعاملها مع القيادة الفلسطينية، الإمارات والبحرين، فقط، امتلكتا الشجاعة للإعلان عن موقفهما بوضوح وبدء العمل من فوق الطاولة، أما الدول الأخرى فدورها قادم، فهي لا تزال تراعي «مشاعر» القيادة الفلسطينية، لكنها بلا شك ستتخذ قرارها قريباً، حينها يجب أن تدرك تلك القيادة أن فشلها، وعلى رأسها كبير مفاوضيها، كان السبب في تراجع الاهتمام بالقضية.

أخيراً نُذكّر كبير المفاوضين بأمور قد يكون نسيها في زحمة مفاوضاته طوال ربع قرن:

الإمارات لا تملك فلسطين حتى تتنازل عنها أو عن جزء منها.

الإمارات لم تتنازل عن القدس ولا عن أراضي 48.

الإمارات لم توقع اتفاقاً سرّياً في أوسلو ولم تقبل بالمستوطنات.

الإمارات لا تنسق أمنياً مع إسرائيل.

الإمارات لم تعطل عمل اللجنة الاستشارية العربية المكونة من وزراء خارجية بعض الدول العربية والخليجية، وليست هي التي تركتها وذهبت لعقد اتفاقات في السر مع إسرائيل

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

ضغوط السلام!

يروق للبعض أن يعتبر الاتفاق الإماراتي ـ الإسرائيلي ومن بعده الاتفاق البحريني ـ الإسرائيلي نتيجة لضغوط أمريكية على البلدين وعلى غيرهما من دول المنطقة لعقد اتفاق سلام مع إسرائيل.. ويختزل هؤلاء التغيير الجيوسياسي والخطوة التاريخية الكبيرة التي تتخذها الدول العربية فيما يُتخذ في البيت الأبيض من قرارات أو فيما تترقبه أمريكا من انتخابات رئاسية قريبة.. وواضح أن هذا تبسيط مُخلٌّ لا يمكن الاعتماد عليه، فالوضع في المنطقة أصبح أكثر تعقيداً وأكثر خطورة، واستهدافُ الدول العربية أصبح أكثر وضوحاً، مما يتطلب تحليلاً منطقياً وعقلانياً لما يحدث فيها.

بلا شك فإن هناك ضغوطاً أمريكية، لكن الحقيقة أن هذه الضغوط ليست جديدة فمنذ عقود والإدارات الأمريكية الواحدة تلو الأخرى – الديمقراطية منها والجمهورية – تحاول أن تقنع العرب بالسلام وبتطبيع العلاقات مع إسرائيل إلا أن الموقف العربي كان ثابتاً وصامداً ضد أية خطوة إلا بتحرك إسرائيلي نحو السلام الذي يخدم القضية الفلسطينية ويعيد الحقوق للفلسطينيين، فلماذا أصبحت الضغوط تأتي بنتيجة إيجابية هذه المرة؟ ولم تكن نتيجتها اتفاق دولة واحدة وإنما دولتين، وربما دول عربية أخرى في المستقبل؟

الحقيقة أن الضغوط ودفع الدول نحو السلام مع إسرائيل ليست أمريكية فقط وإنما هناك أسباب وضغوط إقليمية جعلت الضغوط الحالية تنجح في هذا الوقت دون أن تنجح في الإدارات السابقة، وعلى رأسها التهديدات المستمرة والمتزايدة في المنطقة والتغييرات والأخطار التي تبدلت، فالخطر على الدول العربية زاد بشكل مستفز من دولتي الجوار، إيران وتركيا. فخلال السنوات العشر الماضية أصبحت الدول العربية بالنسبة لهما ساحة عبث وتخريب منظم، فالأيديولوجيا الإيرانية لم ترحم دول المنطقة ابتداء بالعراق مروراً بسوريا ولبنان واليمن وأخيراً فلسطين، وفي الجانب الآخر تتبدّى محاولات السيطرة والتدخل التركي في شؤون الدول العربية والإمعان في استغلال القضية الفلسطينية الذي وصل إلى مستوى غير مقبول، ما جعل جامعة الدول العربية تطلق تحذيراتها من تلك التدخلات.

في ظل هذا الوضع كان من الصعب أن تبقى الدول العربية في موقف المتفرج، خصوصاً في ظل التخلي الأمريكي عن منطقة الشرق الأوسط ورفع اليد منذ فترة الرئيس أوباما عن قضايا وأوضاع المنطقة وإلى الآن، فأصبح من الطبيعي أن تتم إعادة ترتيب الأولويات وتغيير قواعد اللعبة بحيث تحافظ دول المنطقة على أمنها واستقرارها وتحمي نفسها وشعوبها من جيرانها الطامعين الذين دفعتهم أنانيتهم إلى التفكير في مصالحهم فقط واستغلال ضعف بعض الدول العربية بأبشع الطرق وبصورة لن ينساها التاريخ.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

حتى لا يجد الفلسطينيون أنفسهم وحيدين

تعيش القيادة الفلسطينية حالة انفصام غريبة جداً فهي تلوم الجميع! وتهاجم الجميع، وهي ضد الجميع! لا يعجبها دعم مصر ولا تعجبها مواقف السعودية ولا تعجبها سياسات أمريكا ولا تحركات أوروبا! ثم تشتكي وتقول لا أحد معنا والجميع ضدنا! والحقيقة أن الجميع مع فلسطين وقضيتها.. لكن هذه القيادة تريد أن يدور العالم بأسره في فلكها، وإن كان هذا الفلك مضطرباً ويسير في الاتجاه الخاطئ.

لأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية تخسر فلسطين تعاطف العرب في اجتماع وزراء الخارجية الذي عُقد يوم الأربعاء 9-9-2020، فلم تقف معها أي دولة.. في حالة فريدة ومؤسفة يجب أن تتوقف أمامها القيادة الفلسطينية طويلاً، وألا تكتفي بتكرار «الأسطوانة المشروخة» بأن أمريكا تضغط على العرب، وأن قرارهم ليس بأيديهم! فلن يقبل أحد هذا الاتهام من فلسطين ولا غيرها، فالعرب لهم قرارهم ولهم قناعاتهم.

أما وضع القضية الفلسطينية، فيحتاج شجاعة من القيادة الفلسطينية كي تواجه الحقيقة وتعترف بأخطائها.

في اجتماع الدورة الاعتيادية لوزراء الخارجية العرب كان الاتفاق بين المجتمعين حول البيان الختامي قد تم قبل عقد الاجتماع، إلا أن وزير الخارجية الفلسطينية لم يلتزم بالاتفاق، ما صدم المجتمعين جميعاً، ولأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية، لم تدعم أي دولة عربية كلمة وزير الخارجية الفلسطينية، والسبب هو أن العرب حضروا الاجتماع باتفاق، والفلسطينيين أخلّوا بالاتفاق، على الرغم من أن العرب حصلوا على تأكيد بموافقة مسبقة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.. بصفته رئيساً للدورة الحالية للاجتماع، ورفَض الوزير الفلسطيني، لأكثر من 3 ساعات، قراءة مسودة البيان الختامي، التي عملت عليها 6 دول وباقي الدول كانت تنتظر الاطلاع عليها، وخلَط بين دوره كوزير لخارجية فلسطين ورئيس للاجتماع.. وكل ذلك بسبب أنه كان يريد إضافة عبارات الشجب والإدانة ضد الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي! الأمر الذي لم يكن يريده الجميع لأننا تجاوزنا هذه المرحلة في خطابنا السياسي.

هل يعرف الشعب الفلسطيني أنه، لأول مرة، لا أحد يقف مع فلسطين؟.. ولأول مرة يعلَّق اجتماع الوزراء، ليصبح البيان الختامي معلَّقاً أيضاً؟.. وربما يدرك العقلاء في فلسطين حقيقة الأمر، وهي أن القضية الفلسطينية هي التي أصبحت معلقة لدى العرب وليس شيئاً آخر!

أخيراً وبعد هذا التطور الخطير، على القيادة الفلسطينية أن تعمل بشكل أكبر وأقرب مع العرب، حتى لا تجد نفسها وحيدة.. ويجب أن تكون لديها ثقة في الدول العربية، والأهم قبل ذلك يجب أن تكون هناك ثقة واتفاق بين الفصائل الفلسطينية، فمن الواضح أن هناك انقساماً وخلافاً وعدم توافق ينعكس بشكل مباشر على فرص السلام وحل القضية.

88552_ALR_14-10-2019_p32-1

فلسطينيون في مهب الريح

شاهدت خلال الأيام الماضية العديد من الفيديوهات على سوشيال ميديا، كان المتحدثون فيها من الشباب الفلسطيني، وكان موضوع الفيديو هو التعليق على ما جاء على لسان قيادات الفصائل الفلسطينية في اجتماعهم الأخير، استبشرت خيراً بتلك المقاطع، لسبب واحد وبسيط، وهو أننا أخيراً أصبحنا نسمع صوت الشباب الفلسطيني المستقل والعقلاني بدون خوف أو ضغوط من أحد.

منذ أكثر من 70 عاماً يعيش أغلب الفلسطينيين في حالة مؤسفة بسبب الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم وبسبب الأوضاع غير المستقرة في مدنهم وقراهم داخل فلسطين، أما الفلسطينيون الذين خرجوا من فلسطين لاجئين في دول أخرى أو مهاجرين فهم مثل مَن هم في الداخل يعيشون الخوف من الحاضر الصعب والمستقبل المجهول.. وهذا حال من احتل وطنه.

حديثُنا هذا عن الشعب الفلسطيني العزيز وليس القيادات، الشعب الذي قدم التضحيات طوال عقود ماضية وقدم الشهداء لدرجة وصلت فيها أم الشهيد الفلسطيني لأن تقيم عرساً عند استشهاد أحد أبنائها، كيف لا وهو الذي ضحى بروحه ودمه من أجل تراب وطنه ومن أجل القدس ومن أجل المسجد الأقصى، مشهد المواجهة والاستشهاد لم يختفِ من أمام أعيننا طوال حياتنا منذ خُلقنا على هذه الأرض إلى اليوم، لكن السؤال: من الذي كان يضحي ومن الذي كان يستشهد ومن الذي كان يحب فلسطين وتراب فلسطين؟

الإجابة عرفها العرب والمسلمون مؤخراً، وهي الشعب الفلسطيني وليس القيادة الفلسطينية، بل الحقيقة الأكبر التي عرفها الجميع أن القيادات الفلسطينية هي التي استغلت الفلسطينيين والقضية الفلسطينية من أجل مصالحها الشخصية والخاصة منذ بداية الاحتلال، والحقيقة أيضاً أن سبب ضياع القضية هي القيادات الفلسطينية التي أدارت بشكل سيئ هذا الملف، فلم تنجح في استعادة شبر واحد من أرض فلسطين المحتلة، وبذلك استفاد أشخاص من هذه القضية. أما الشعب فبقي يعيش أحلام التحرر وعودة الأرض واللاجئين، بينما تُوقع قيادتُه معاهدات السلام الواحدة تلو الأخرى وتتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني، والشعبُ مشغول بالمقاومة وبمد جذوره أكثر وأكثر في أرضه دون أن يعلم أن من يُسمعَه شعاراتِ التحرر والعودة والانتصار كلَّ يوم.. هو من باع كل شيء!

المؤسف أن تلك القيادة القديمة والمتقادمة لم تكتفِ بإيذاء الشعب الفلسطيني في الداخل بل أصبحت اليوم تحاول أن تؤذي الفلسطينيين في الخارج وفي دول الخليج بالتحديد، فهؤلاء الذين يعيشون الغربة والاغتراب ويسعون في رزقهم ليعيشوا حياة كريمة ويعينوا أُسرَهم في الداخل – التي لا تهتم بها السلطة الفلسطينية أو الفصائل الفلسطينية – لدرجة أن بعضهم أصبح مصدر الدخل الوحيد ليصرف على أهله، تأتي تلك القيادات لتهدد حياتهم واستقرارهم ومصادر رزقهم بتصريحات غوغائية دون أن تكترث بهم ولا بمستقبلهم، ليكونوا في مهب الريح ويتحملوا ذنب من لا يهمه أمرهم!

ألا تكتفي هذه القيادة التي فشلت في تجديد نفسها بأنها وضعت الفلسطينيين في الداخل في مهب الريح، بلا مستقبل وبلا أمن ولا استقرار، حتى تضيف إليهم مئاتِ الآلاف في الخارج؟!

أخيراً متى تستمع القيادة الفلسطينية القديمة إلى أصوات الشباب الفلسطيني في الداخل والخارج؟ ومتى تتوقف عن تخوين وتخويف كل من يخالفها الرأي وتسمح لهم بأن يعبروا عن رأيهم في قضيتهم ومستقبل وطنهم بكل حرية دون خوف من السيف المسلَّط على رقابهم إذا خالفوا القدماء في الرأي!